موضوع: الحروف النورانية وتحديد موعد قيام الساعة الثلاثاء أبريل 06, 2010 1:55 am
الحروف النورانية وتحديد موعد قيام الساعة
نحن موقع الأرقام هنا لا نقوم بتفسير فواتح القرآن وتبيان دلالتها، فعلم حقيقتها عند الله وحده تبارك وتعالى ، ولكننا نضع الأساس الذي يمكن أن يساعدنا على كشف أسرارها. هذا الأساس هو البنية الرياضية لهذه الفواتح، والتي تقوم على تكرارات العدد (19)، هذا العدد الذي تتواتر تكراراته في بنية القرآن الكريم العددية حيث تجدون العديد من الروابط بالموقع والتي تشرح ذلك .
وننقل لكم ما كتبه رشاد خليفة عن تفسير الفواتح عدديا وتحديد موعد الساعة (والتي علمها عند الله سبحانه وتعالى) ، وأيضا الرد الرائع من فضيلة الدكتور الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي جزاه الله كل الخير ، وذلك لتنوير المسلمين كافة من كل ما أثير من الجدل الكثير حول تفسيرات رشاد خليفة .
اسألوا أهل الذكر
الاسم : يوسف - مصر
العنوان : رشاد خليفة وتحديد موعد قيام الساعة
نص السؤال
سمعنا برجل يسمى برشاد خليفة يدعي معرفة موعد قيام الساعة تحديدا ويستدل على ذلك بالحساب الرقمي للحروف المقطعة فما رأي فضيلتكم في هذا الرأي ؟ وهل يخالف هذا الرأي ما نطق به القرآن الكريم نفسه من أن علم الساعة غيب لايعلمه إلا الله؟
2003/10/2
المفتي : الدكتور الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي
نص الإجابة
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: أرسل إليّ بعض الإخوة صورة مما كتبه المدعو: " د. رشاد خليفة " حول تحديد موعد قيام الساعة، ذلك الرجل الذي خدع الناس يومًا بحكاية الرقم " 19 " وتطبيقه على بعض ما جاء في القرآن الكريم، وتوهم بعض الناس أنه جاء بوجه جديد من وجوه الإعجاز القرآني، ونوه به من نوه، وكتب من كتب، وكنت من الذين لم يستريحوا لهذا النوع من الاستنباط الذي لا يستحق كل ما أثير حوله من ضجيج الإطراء، وأقصى ما يقال فيه إنه من " مُلَح العلم " وطرائفه، وليس من صلبه ولبابه، حسب تقسيم الإمام أبي إسحق الشاطبي رحمه الله. وقد تبين بعد، أن الكاتب المذكور، كان يتخذ من ذلك الرمز الذي اصطنع له دعاية ضخمة ذريعة إلى أمور أخر، منها: التشكيك في السنة النبوية، المصدر الثاني للتشريع في الإسلام، ومنها: تحريف كلم الله عن مواضعها، والقول على الله بغير علم، وتفسير القرآن بالهوى والرأي المحض، كما يبدو ذلك من هذه المقالة التي نحن بصدد الرد عليها، والتي نشرها في أكثر من مجلة، بعضها مما يروج لكل باطل، وبعضها مما ينخدع بأي بريق.
مزاعم رشاد خليفة حول تحديد موعد نهاية العالم:
يحسن بي أن أسوق ما قاله هذا الرجل المغرور بحروفه، دون تلخيص أو تصرف، لأرد على كل دعاويه بالحجة الدامغة. يقول رشاد خليفة: (عندما نزل القرآن الكريم على خاتم النبيين محمد -صلى الله عليه وسلم- كان الله وحده يعلم عن موعد نهاية العالم ولذلك عندما سئل محمد -عليه السلام- عن موعد نهاية العالم أعطى نفس الإجابة: " الله وحده يعلم" (الأعراف: 87، الأحزاب: 63، النازعات: 42) يعلمنا خالقنا عز وجل أن هذا العالم سوف ينتهي لا محالة (يونس: 24، إبراهيم: 48، الكهف: 8، الحاقة: 14).
كما نتعلم من الآية (15) من سورة طه أن موعد نهاية العالم سوف يتم الإزاحة عنه قبل حلول النهاية: (إن الساعة آتية أكاد أخفيها). ومن كلمة " أكاد " ندرك أن الكشف عن موعد نهاية العالم سوف يحتاج إلى بعض العمل أو بعض الحسابات. . وتعلمنا الآية (187) في سورة الأعراف أن الله سبحانه سوف يكشف عن موعد نهاية العالم " في الوقت المناسب ": (لا يجليها لوقتها إلا هو). ومن البديهي أن يكشف المولى عز وجل عن موعد نهاية العالم في رسالته الختامية إلى العالم وهي القرآن الكريم. دعنا الآن نلخص هذه الحقائق القرآنية: 1ـ هذا العالم سوف ينتهي (الكهف: . 2ـ نهاية العالم لن تظل مخفاة: (أكاد أخفيها) (طه: 15. ) 3ـ سوف يكشف الله سبحانه عن نهاية العالم في الوقت المناسـب (الأعراف: 187). 4ـ الكشـف عن موعد نهايـة العالـم يحـتاج إلى بعض العمـل بعض الحســابات (طه: 15). علامات على الطريق:
نظرًا لحساسية وأهمية هذا الموضوع، شاء المولى عز وجل أن يعضد هذا الكشف بعلامات واضحة وبراهين دامغة. . بحيث تزول جميع الشكوك والريبة من قلوب المؤمنين. . هذه العلامات والبراهين تؤكد لنا أن الحسابات كلها صحيحة. لقد اتضح أن موعد نهاية العالم يرتبط ارتباطًا وثيقًا ومباشرًا بالحروف القرآنية فواتح السور (الم، كهيعص، طسم، ن. . . . إلخ). منذ بداية الإسلام وموعد نهاية العالم مرتبط ارتباطًا وثيقًا ومباشرًا بالحروف القرآنية فواتح السور.
هذه الحقيقة تتضح لنا من الحادثة التاريخية المشهورة التي التقى بموجبها يهود المدينة بالرسول -عليه السلام- هذا الحدث التاريخي نجده في كثير من المراجع الهامة من بينها تفسير ي المشهور الذي نجد صورة منه أدناه: يروي هذا الحدث أن يهود المدينة ذهبوا إلى الرسول -عليه السلام- لمناقشته. وكان يهود المدينة كغالبية اليهود ماهرين في علم القبالة، أو حساب الجُمَّل، وهو علم مبني على أساس القيم العددية للحروف الأبجدية.
ويلزم هنا تنبيه القارئ إلى أنه عندما نزل القرآن الكريم لم تكن هناك أرقام مكتوبة، كانت الحروف تستعمل كأرقام. فالحـرف (1) قيمته (واحـد)، والحــرف (ل) قيمتـه (30)، والحـرف (م) قيمته (40)، وبناء عليه فإن الحروف القرآنية « الم » مجموع قيمتها هو (1 + 30 + 40=71).
ذهب يهود المدينة إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- قالوا: " كيف تتوقع منا أن نؤمن بدين سوف يعيش في هذا العالم 71 سنة فقط؟؟ فمن الواضح أن علماء اليهود قد ربطوا بين الحروف القرآنية (الــم) الآية الأولى من ســورة البقرة وهي أول سورة مدنية. . ربطوا بين هذه الحروف ومــدة حـياة الرسالة المحمدية. ومن أهم الملاحظات هنا أن الرسول -عليه السلام- وافقهم على حساباتهم، وعلى هذا الربط المباشر بين الحروف القرآنية وبين عمر الدين الإسلامي. . فالرسول لم يعترض على طريقتهم في الحساب. .
بالعكس، لقد قال لهم الرسول كما تخبرنا مراجع التاريخ قال لهم: " ولكن "الم " ليست الحروف الوحيدة في القرآن فعندنا: " المص، والر، والمر، إلخ ". ولما كان محمد -صلى الله عليه وسلم- هو خاتم النبيين (سورة الأحزاب الآية: 40) فإن نهاية دينه هي ذاتها نهاية العالم. هذا الحدث التاريخي يعلمنا أن الحروف القرآنية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا ومباشرًا بنهاية العالم. ولقد بقي معنى الحروف القرآنية سرًا إلهيًا محفوظًا لمدة (14) قرنًا. (سورة يونس الآية: 20 وسورة الفرقان الآيات: 4 6). ثم تبين من دراسات الحاسب الإلكتروني للقرآن الكريم أن هذه الحروف تساهم في نظام حسابي قرآني فائق الدقة، بحيث يثبت للعالم بطريقة مادية ملموسة أن القرآن الكريم هو رسالة الله إلى العالم وأن كل كلمة فيه بل كل حرف قد حفظت على مدى السنين والقرون: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).
وهكذا فقد شاء الله سبحانه وتعالى أن يثبت للعالم أصالة رسالته وأصالة هذه الحروف، قبل إزاحة الستار عن علاقة هذه الحروف بنهاية العالم. فالحروف القرآنية ليست فقط دليل أصالة وعظمة القرآن الكريم، ولكنها أيضًا تفيدنا عن موعد نهاية العالم كما يشاء المولى عز وجل. إذ يعلمنا القرآن الكريم أن عمر الرسالة المحمدية الختامية يساوي مجموع القيمة الحسابية للحروف القرآنية. فعدد السنوات التي خصصها الله سبحانه للرسالة المحمدية يبينه القرآن الكريم في السورة رقم (15) وهذه أول علامة على الطريق. فنحن نرى أن نهاية العالم لن تبقى خافية وذلك في الآية رقم (15) من سورة طه. . بينما نجد عدد السنوات في السورة رقم (15).
إن عدد السنوات التي خصصها المولى -عز وجل- لدين محمد -عليه السلام- نجده محددًا في سورة الحجر، رقم (15) الآية 85 إلى 88.
فالآية (85) تفتتح هذا الموضوع بالقول إن نهاية العالم آتية لا محالة: (وإن الساعة لآتية فاصْفَحِ الصَّفْح الجميل). والآية (86) تذكرنا أن الله سبحانه يعلم موعد الساعة لأنه هو الذي خلق السموات والأرض ويعلم نهايتهم: (إن ربك هو الخلاق العليم). ثم تحدد الآية (87) بالضبط عمر الرسالة المحمدية: (ولقد آتيناك يا محمد سبعًا من المثاني والقرآن العظيم) فالقرآن الكريم عدد فواتح السور فيه هو بالضبط سبع من المثاني أي (14) فكلمه "مثنى " معناها " اثنين " أو " زوج " كما في القول مثنى وثلاث ورباع، أي اثنين أو ثلاثة أو أربعة. . . وجمع مثنى هو المثاني. . سبعًا من المثاني.
وهكذا يقول الله عز وجل: إن المدة التي خصصها لرسالة نبيه محمد تساوي مجموع السبع المثاني أي الـ 14 فاتحة قرآنية. فإذا تذكرنا أنه لم تكن هناك " أرقام " عندما نزل القرآن يمكننا النظر إلى الحروف القرآنية فواتح السور، باعتبارها (14) رقمًا. ومما يزيد الأمر وضوحًا أن الآية التالية، وهي الآية (88) من سورة الحجر تقول للرسول عليه السلام: إن الفترة التي منحها الله إياه أطول من الفترة التي منحت لأي رسول آخر: (لا تمَدَنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما متعنا به أزواجًا منهم ولا تحزن عليهم).
فمن المعروف أن الفترة التي منحها الله سبحانه لرسالة موسى -عليه السلام- كانت 1463 سنة، والفترة التي منحها الله سبحانه لرسالة عيسى -عليه السلام- كانت 570 سنة. أما الفترة التي منحها الله عز وجل للرسالة المحمدية فهي السبع المثاني.
ما هي القيمة العددية للسبع المثاني؟. . إن هذه القيمة العددية تساوي عمر الدين الإسلامي أي عدد السنوات التي حددها الخالق سبحانه من بعثة محمد -عليه السلام- حتى نهاية العالم. فيما يلي قائمة " السبع المثاني " وقيمتهم العددية: 1ـ ق = 100. 2ـ ن =50. 3ـ ص = 90. 4ـ حم = 8 + 40 = 84. 5 يس = 10 + 60 = 70. 6ـ طه = 9 + 5 = 14. 7ـ طس = 9 + 60 = 69. 8ـ الم = 1 + 30 +40 = 71. 9ـ الر = 1 + 30 + 200 = 231. 10ـ طسم = 9 + 60 + 40 = 109. 11ـ عسق = 70 + 60 +100 =230 12ـ المص = 1 + 30 + 40 + 90 = 161. 13 المر = 1 + 30 + 40+ 200 = 271. 14ـ كهيعص = 20 + 5 + 10 + 70 + 90 = 195. المجمـوع الكـلي = 100+50 + 90 + 48 +70 + 14 + 69 + 71 + 231 + 109 + 230 + 161 + 271 + 195 = (1709)
إذن عمر الرسالة المحمدية كما حدده القرآن الكريم هو 1709 سنة قمرية. . نظرًا لأن سنوات القرآن دائمًا قمرية (سورة التوبة: 36) وهذا الرقم (1709) يقدم لنا أربعة علامات جديدة على الطريق: أولاً: هذا الكشف شاء المولى -عز وجل- أن يظهره في عام 1400 هـ علمًا بأن التواريخ السائدة في العالم هي التواريخ التي يشاؤها الله –عز وجل- بوصفه الملك الحاكم الحقيقي لهذا العالم. . هذا يعني أن هذا الكشف قد ظهر قبل نهاية العالم بـ (1709 - 1400 = 309)309 سنة. . . وهذا الرقم (309) رقم قرآني (ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعًا) (سورة الكهف: 25)
ثانيًا: الرقم (309) نجده مكتوبًا في القرآن بطريقة خاصة جدًا: " ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعًا ". . ولقد اكتشف العلماء حديثًا أن الفرق بين ثلاثمائة سنوات شمسية وثلاثمائة سنوات قمرية هو بالضبط تسعة سنوات قمرية. . فكتابة الرقم (309) بهذه الطريقة يوفر علينا النقاش والجدل فيما إذا كانت السنوات قمرية أو شمسية. . فالحمد لله رب العالمين. . ونرى بوضوح أن نهاية العالم كما حــددها القـرآن سـوف تأتي بمشيئة الله بعد 309 سنة قمرية أو 300 سنة شمسية وذلك بعد سنة الاكتشاف (1400 هـ 1980 م).
ثالثًا: طبقًا للآية (78) من سورة الحجر، فإن الفترة التي خصصها الله سبحانه للرسالة المحمدية هي مجموع السبع المثاني أي 1709 سنة. وهذا معناه أن السنة التالية لعام 1079 هـ هي سنة انتهاء العالم وهي سنة 1710 هـ. . وهذا الرقم من مضاعفات الرقم 19. . ولعل القاريء يعلم الآن أن الرقم (19) عدد حروف البسملة هو الرقم القاسم المشترك الأعظم للنظام الحسابي القرآني انظر التفاصــيل في كتابي بعنــوان: "الكمبيوتر يتكلم " فالرقم 1710 عام انتهاء العالم من مضاعفات الرقم 19. . وهذه من أهم العلامات على طريق هذا البحث.
رابعًا: العام الهجري 1710 هـ عام نهاية العالم يتفق مع العام الميلادي 2280 وهذا الرقم أيضًا (2280 من مضاعفات الرقم 19) كل هذه العلامات تؤكد لنا أن نهاية العالم التي لا بد من وقوعها قد كتبها الله سبحانه في قرآنه العظيم. . وأن الموعد الصحيح لها هو العام الهجري 1710 هـ الموافق للعام الميلادي 2280 م.
ملحوظة هامة عندما ظهر هذا الاكتشاف ونشر لأول مرة اعترض بعض الناس على أساس أن الساعة لا بد وأن تأتي " بغتة " كما يقول القرآن (لا تأتيكم إلا بَغْتَةً). والحقيقة أن القول (لا تأتيكم إلا بغتة) هو بالضبط مثل القول: (لا تقربوا الصلاة) وبالضبط مثل القول: (وَيْلٌ للمُصَلِّين) ويكشف عن الجهل بالقرآن.
ولقد حذرنا المولى -عز وجل- ألا نكون من المقتسمين الذين يجعلون القرآن عضين، أي يأخذون قسمًا من القرآن دون القسم الآخر، ويأتي هذا التحذير للمقتسمين في سورة الحجر عقب تحديد موعد الساعة مباشرة (الآية90) فالبغتة نجدها في القرآن الكريم 13 مرة. . وفي كل مرة نجد البغتة (للكافرين فقط) آيات البغتة هذه نجدها في الأنعام: 31، 44، 47، والأعراف: 95، 187، ويوسف: 107، والأنبياء: 40، والحج: 55، والشعراء 202، والعنكبوت: 53، والزمر: 55، والزخرف: 66، ومحمد 18، البغتة في القرآن للكافرين فقط ؛ لأنهم لن يصدقوا هذه التعليمات القرآنية الواضحة، ولذلك ستكون الساعة مفاجأة لهم) ا هـ مقال رشاد خليفة.
بنى صاحب المقالة استنتاجه لموعد قيام الساعة من القرآن على أسس واهية، بل منهارة لا ثبات لها ولا صحة، ولا تقوم على ساقين من دين أو علم، أو منطق سليم.
ومحورها جميعًا تفسير القرآن برأيه وهواه، دون أن يرجع إلى القرآن نفسه، فخير ما فسر القرآن بالقرآن. . ولا إلى السنة النبوية، فالرسول هو المبين للناس ما نزل إليهم. . ولا إلى سلف الأمة وخير القرون وأفقه الناس لحقيقة الإسلام ومقاصد القرآن. . ولا إلى خَلَفِها من المفسرين والشراح والفقهاء والمتكلمين وغيرهم من نجوم الدراية، وبحور الرواية.
وقد جهل أو تجاهل حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من فسـر القـرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ"، " من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار " ولا غرو، فهو لا يؤمن بالسنة كلها. أما هذه الأسس المنهارة فهي: 1- تفسيره المردود للآية (15) من سورة طه. 2ـ تفسيره الخاطئ للآية (187) من سورة الأعراف. 3ـ تفسيره الباطل المحض للآية (87) من سورة الحجر. 4ـ اختياره الرأي المضعف المردود في تأويل الحروف المقطعة في فواتح السور، وهو القائم على " حساب الجمّل " الذي لا تعرفه لغة العرب، ولا يسنده عقل ولا علم ديني أو تجريبي. 5- اعتباره فواتح السور أربع عشرة، وهو اعتبار تحكمي لا يؤيده منطق. وإليكم البيان:
خطأ الكاتب في تفسير آية سورة طه:
زعم الكاتب أن الآية 15 من سورة طه: (إن الساعة آتية أكاد أخفيها) تعلمنا أن موعد نهاية العالم سوف يتم الإزاحة عنه قبل حلول النهاية. وأخذ من كلمة " أكاد " أن الكشف عن هذا الموعد سوف يحتاج إلى بعض العمل، أو بعض الحسابات !! ومن المعلوم الواضح أن هذه الآية جاءت في سياق خطاب الله تعالى لموسى عليه السلام، فلو كان المعنى كما فهم لكشف الله هذا الموعد لموسى أو لنبي بعده من أنبياء بني إسرائيل، أو للمسيح عيسى بن مريم عليهم السلام. . . ولكن الواقع أنه لم يكشف لهم ولا لأحد من الأنبياء ولا لخاتمهم محمد عليه الصلاة والسلام.
ولو تواضع الكاتب قليلاً، ورجع إلى أئمة التفسير لفهم المراد من عبارة " أكاد أخفيها " يقول صاحب " روح المعاني " في تفسيرها: أقرب أن أخفي الساعة ولا أظهرها بأن أقول: إنها آتية، ولولا أن في الإخبــار بذلك مـن اللطف وقطع الأعـذار لما فعلت. وروي عن ابن عباس وجعفر الصادق: أن المعنى: أكاد أخفيها من نفسي. أي فكيف أظهرها لكم (قال الفراء: " أكاد أخفيها من نفسي، فكيف أطلعكم عليها " الدر المنثور للسيوطي 4/249، دار بيروت. وذكر صاحب " الدر " قول ابن عباس أيضًا وهو: " أكاد أخفيها من نفسي"). . وهذا محمول على ما جرت به عادة العرب من أن أحدهم إذا أراد المبالغة في كتمان الشيء قال: كدت أخفيه من نفسي. ويقرب من هذا ما جاء في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله: « ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه ".
ما فهمه الكاتب من آية الأعراف مردود عليه:
وزعم صاحب البحث كذلك أن الآية 187 من سورة الأعراف: (لا يجليها لوقتها إلا هو) تعلمنا أن الله سبحانه سوف يكشف عن موعد نهاية العالم في الوقت المناسب. . . ومن البديهي أن يكشف عنه في رسالته الختامية إلى العالـم، وهو القـرآن، كما قال. وهذا فهم خاطئ للآية الكريمة، وسياق الآية بتمامها - لو تأمله الكاتب الجريء - يبطل فهمه بوضوح.
يقول تعالى في هذه الآية الكريمة: (يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون). فانظر كيف سأل السائلون رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- عن موعد الساعة. . وكيف كان جوابه عنها بأمر الله تعالى، أنه لا يعلم عن وقت قيامها شيئًا، وإنما علمه عند الله. وقد كرر هذا المعنى للتأكيد مرتين (قل إنما علمها عند ربي. . . قل إنما علمها عند الله).
وقد أتى صاحبنا من سوء فهمه للعربية، ومعنى اللام في قوله: (لوقتها) واللام هنا بمعنى " في " كما في حديث: " أفضل الأعمال الصلاة لوقتها " أي في وقتها. فهذه الجملة كما قال الألوسي بيان لاستمرار إخفائها إلى حين قيامها، وإقناط كلي عن إظهار أمرها بطريق الإخبار (روح المعاني 9/133، دار إحياء التراث العربي، بيروت).، وإنما يظهرها بأن يقيمها في وقتها المعلوم، فيعلموها على أتم وجه حينئذ.
التفسير المبتدع لآية الحجـر: اخترع صاحب هذا الرأي تفسيرًا لقوله تعالى في سورة الحجر: (ولقد آتيناك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم) (الآية: 87) جعله عمدته في مدعاة، وهو تفسـير لا تدل عليه الآيـة لا بالتصريح ولا بالإشارة، ولم يخطر ببال أحد من المتقدمين ولا المتأخرين، ولم يقل به أحد من أهل الرواية، ولا من أهل الدراية، بل هو مخالف كل المخالفة لما صح به النقل، وما دل عليه العقل، وما يقتضيه السباق والسياق. وموجب أن الأمة كلها من الصحابة وتابعيهم ومن بعدهم طوال أربعة عشر قرنًا، عاشوا وماتوا، ولم يفهموا ما أنزل إليهم من ربهم، مع أن الله أنزل كتابه بلسان عربي مبين، ووصفه بأنه (كتاب مبين) ويسره بلسانهم لعلهم يتذكرون، ومع هذا لم يتبينوا ولم يتذكروا حتى جاء صاحبنا من أمريكا، ليبين ما كان خافيًا، ويذكر بما كان منسيًا!
قال الإمام الشوكاني في كتابه "فتح القدير الجامع بين الرواية والدراية في التفسير ": اختلف أهل العلم في السبع المثاني: ماذا هي؟ فقال جمهور المفسرين: إنها الفاتحة. قال الواحدي: وأكثر المفسرين على أنها فاتحة الكتاب، وهو قول عُمَر وعلى وابن مسعود والحسن ومجاهد وقتادة والربيع والكلبي، وزاد القرطبي أبا هريرة وأبا العالية، وزاد النيسابوري الضحاك وسعيد بن جبير، وقد روي ذلك من قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كما سيأتي بيانه فيتعين المصير إليه.
وقيل: هي السبع الطول أي السور السبع الطوال: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف، والسابعة: الأنفال والتوبة لأنهما كسورة واحدة، إذ ليس بينهما تسمية. روي هذا عن ابن عباس. وقيل: المراد بالسبع أقسام القرآن، وهي الأمر، والنهي، والتبشير، والإنذار، وضرب الأمثال، وتعريف النعم، وأنباء القرون الماضية، قاله زياد ابن أبي مريم.
ولا شك أن القول الأول هو الصحيح، فعند نزول هذه الآية وهي مكية لم تكن أكثر السبع الطوال نزلت، لأنها مدنية، وكذلك الأمر والنهي إنما نزل أكثرهما في المدينة، وظاهر قوله تعالى: (ولقد آتيناك. . . ) تقدم إيتاء السبع على نزول هذه الآية. وحسبنا لصحة القول الأول أن الإمام البخاري روى في ذلك حديثين في صحيحه: الأول: من حـديث أبي سـعيد بن المعلي، وفيه قال -صلى الله عليه وسلم-: " (الحمـد للـه رب العالمين) هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته ".
وثانيهما: من حديث أبي هريرة، قال: " أم القرآن يعني الفاتحة هي السبع المثاني والقرآن العظيم ". فأما كونها سبعًا ؛ فلأنها سبع آيات، والبسملة آية منها. وأما كونها مثاني، فلأنها تثنى، أي تكرر في كل صلاة. وعطف القرآن عليها من باب عطف العام على الخاص، وهو معروف في العربية.
فأما قول صاحب التفسير المبتدع: إن (سبعًا من المثاني) معناها: 14 لأن المثاني جمع " مثنى "، ومثنى تعني " اثنين " كأنه قال: يا محمد أعطيناك أربعة عشر!! فهذا من القول على اللّه بغير علم، ومن الاجتراء على كتاب الله بالرأي المحض والهوى الصرف، الذي جاء النهي عنه والوعيد عليه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهل لهذا نظير في كلام العرب شعرًا أو نثرًا؟!
تحكمات لا دليل عليها: ولو افترضنا صحة ذلك، وما هو بصحيح، فما معنى أعطيناك أربعة عشر؟ وماذا تفيده هذه الكلمة، ولم يتبين منها المعدود ما هو؟ أهو إبل أم بقر أم غنم أم دراهم أم دنانير؟ أم أي شيء هو؟ وما الذي جعل صاحبنا يقول: إن الـ14 تعني فواتح السور في القرآن؟ وأي دليل على هذا من الشرع أو من اللغة أو من العقل؟ على أن فواتح السور ليست أربعة عشر، بل هي تسعة وعشرون، فلماذا اكتفى بالأربعة عشرة؟ وإذا كان قد اكتفى بغير المكرر، فلماذا لم يحذف الحروف المكررة أيضًا ويقتصر على الحروف الأربعة عشرة المذكورة في فواتح السور؟ إن هذا كله تحكم من قائله لا يسنده دليل من دين أو علم. ومن العجائب أن صاحب هذا التفسير المبتدع يقول مؤيدًا بدعته: ومما يزيد الأمر وضوحًا: أن الآية التالية وهي الآية 88 من سورة الحجر تقول للرسول صلى الله عليه وسلم: إن الفترة التي منحها الله إياه أطول من الفترة التي منحـت لأي رسـول آخـر: (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنَا به أزواجًا منهم ولا تَحْزَنْ عليهم)!!
فسيادته يجعل الضمير في (أزواجًا منهم) للمرسلين مثل موسى وعيسى ! هذا مع أن ما تدل عليه الآية بوضوح هو النهي عن التطلع إلى أصناف من الناس مُتِّعوا بأشياء لم يمتع هو بها من متاع الحياة الدنيا، فأما إذا كان ما عنده فوق ما عندهم، فلماذا يمد عينيه إليهم؟
وأين ذكر المرسلين فيما سبق حتي يعود الضمير إليهم؟ ولو أن صاحبنا فسر القرآن بالقرآن، ورجع إلى سورة " طه " لوجد فيها آية شبيهة بهذه الآية توضح المقصود منها تمامًا. قال تعالى: (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجًا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى). يقول ابن كثير في تفسير الآية: (أي استغن بما آتاك الله من القرآن العظيم عما هم فيه من المتاع والزهرة الفانية) (تفسير القرآن العظيم، دار المعرفة، بيروت 2/ 557).
وقال الشوكاني: (لما بين لرسوله -صلى الله عليه وسلم- ما أنعم عليه به من هذه النعمة الدينية نفّره عن اللذات العاجلة فقال: (لا تمدن. . . . ) الخ أي لا تطمح ببصرك إلى زخارف الدنيا طموح رغبة فيها وتمنّ لها) (فتح القدير 3/142). قال: (لما نهاه عن الالتفات إلى أموالهم وأمتعتـهم، نهاه عن الالتفات إليهم فقال: " ولا تحزن عليهم " حيث لم يؤمنوا، وصمموا على الكفر والعناد) (فتح القدير 3/142).
القصة التي ذكرها البيـضاوي لا يحتج بها: على أن القصة التي ذكرها البيضاوي (حاشية الشهاب على البيضاوي، المكتبة الإسلامية، تركيا 1/172). وذكرها غيره أيضًا من المفسرين واستشهد بها صاحب المقال على أن النبي -صلى الله عليه وسلم-أقر اليهود على ما فهموه من الحروف المقطعة في فواتح السور، وأنها تشير إلى مدة الرسالة المحمدية على طريقة "حساب الجمل" لأنه -صلى الله عليه وسلم- تبسم عند سماع قولهم، وتبسمه يدل على إقراره لهم! هذه القصة من الناحية العلمية غير ثابتة، ولم ترو بسند صحيح أو حسن، بل بإسناد ضعيف لا يحتج به، ضعفه الحافظ ابن كثير في تفسيره (تفسير القرآن العظيم 1/38) والسيوطي في الدر المنثور (الدر المنثور 1/23). والشوكاني في فتح القدير (فتح القدير 1/31).، وأحمد شاكر في تخريج تفسير الطبري (تفسير الطبري 1/218، مطبعة دار المعارف). . فسقط إذن الاحتجاج بها، إذ لا يحتج بضعيف عند أهل العلم.
على أن هذه القصة لو سلمنا بصحتها ليست نصًا في الدلالة على صحة ما يقوله اليهود في حساب الجمل، وما استنتجوه من الحروف، وهذا ما ذكره البيضاوي نفسه الذي استشهد به الكاتب. فإنه ذكر هذا القول في جملة أقوال أخرى في تفسير هذه الحروف، مع ذكر ما استدل به كل قول، ومنها دليل هذا القول من القصة المذكورة، بزعم أن تقرير الرسول لهم على استنباطهم دليل على ذلك. . . ثم أخذ العلامة البيضاوي يرد على الأقوال التي حكاها واحدًا واحدًا، ومنها هذا القول اليهودي في مصدره. فذكر أن هذه الحروف لم تستعمل لحساب الجمل فتلحق بالمعرّبات، قال: والحديث لا دليل فيه، لجواز أنه -عليه الصلاة والسلام- تبسم تعجبًا من جهلهم. . أي لتفسيرهم النازل بلسان عربي بما ليس من معاني لغة العرب كما قال الشهاب في حاشيته على البيضاوي (حاشية الشهاب المصدر السابق).
قال الشيخ شاكر: (ولله در الحافظ ابن كثير، فقد وضع الحق في موضعه حين قال في التفسير: وأما من زعم أنها دالة على معرفة المدد، وأنه يستخرج من ذلك أوقات الحوادث والفتن والملاحم، فقد ادعى ما ليس له، وطار في غير مطاره ! . قال: وقد ورد في ذلك حديث ضعيف، وهو مع ذلك أدل على بطلان هذا المسلك من التمسك به على صحته. ثم ذكر الحديث الذي يروي القصة المذكورة نقلاً عن الطبري ثم قال: (فهذا الحديث مداره على محمد بن السائب الكلبي، وهو ممن لا يحتج بما انفرد به) (تفسير الطبري 1/220).
على أن هناك من العلماء قديمًا وحديثًا من رفض الخوض في تفسير هذه الحروف، ورجح ما نقل عن أبي بكر الصديق وسائر الخلفاء الأربعة: أنها سر استأثر الله بعلمه، فهي بهذا عندهم من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله، ولهذا يقولون عندهـا: الله أعلـم بمراده. وقد أنكر الإمام لشوكاني في تفسيره على من زعم أن لها معنى مقطوعًا به. قال: (إن من تكلم في بيان معاني هذه الحروف جازمًا بأن ذلك هو ما أراده الله عز وجل، فقد غلط أقبح الغلط، وركب في فهمه ودعواه أعظم الشطط.
فإن كان تفسيره لها بما فسرها به راجعًا إلى لغة العرب وعلومها، فهو كذب بحت، فإن العرب لم يتكلموا بشيء من ذلك. . . فلم يبق حينئذ إلا أحد أمرين: الأول: التفسير بمحض الرأي الذي ورد النهي عنه والوعيد عليه، وأهل العلم أحق الناس بتجنبه والصد عنه، والتنكب عن طريقه. وهم أتقى لله سبحانه من أن يجعلوا كتاب الله سبحانه ملعبة لهم يتلاعبون به، ويضعون حماقات أنظارهم، وخزعبلات أفكارهم عليه. الثاني: التوقيف عن صاحب الشرع، ، والسبيل القويم. . . فمن وجد شيئًا من هذا فغير ملوم أن يقول بملء فيه، ويتكلم بما وصل إليه علمه. ومن لم يبلغه شيء من ذلك، فليقل: لا أدري. أو: الله أعلم بمراده. . . ) (فتح القدير 1/30، 31).
ثم قال: (فإن قلت: هل ثبت عن رسول الله في هذه الفواتح شيء يصلح للتمسك به؟ قلت القائل الشوكاني: لا أعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تكلم في شيء من معانيها) (فتح القدير 1/31، 32) وتساءل لشوكاني: هل يجوز تقليد أحد الصحابة في تفسير هذه الفواتح إن صح إسناد القول إليه؟ وأجاب بالنفي؛ لأنه مجرد رأي له قاله باجتهاده، ثم إن المروي عن الصحابة هنا مختلف متناقض، فلو عملنا بما قاله أحدهم دون الآخر كان تحكمًا لا وجه له، وإن عملنا بالجميع كان عملاً بما هو مختلف ومتناقض، ولا يجوز.
على أنه لو كان شيء مما قالوه مأخوذًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-لاتفقوا عليه ولم يختلفوا، كسائر ما هو مأخوذ عنه. . . ثم لو كان عندهم شيء من هذا لما تركوا حكايته عنه، ورفعه إليه، لا سيما عند اختلافهم.
ثم قال: (والذي أراه لنفسي ولكل من أحب السلامة واقتدى بسلف الأمة: ألا يتكلم بشيء من ذلك، مع الاعتراف بأنه في إنزالها حكمة لله عز وجل لا تبلغها عقولنا ولا تهتدي إليها أفهامنا. . ) (فتح القدير 1/31، 32) هذا هو موقف من رأي السلامة في عدم التعرض لهذه الفواتح بتفسير قد لا يكون هو مراد الله تعالى. وأما من خاض في تفسيرها من المتقدمين أو المتأخرين، فلم يرجح أحد منهم ما ذكر من أنها إشارة إلى أرقام على طريقة حساب الجمل، الذي شاع عند اليهود، كما ذكرنا من قبل.
حساب الجمل لا يقوم على أساس منطقي: ثم إن "حساب الجمل " نفسه مجرد اصطلاح من جماعة من الناس، ولكنه اصطلاح تحكمي محض، لا يقوم على منطق من عقل أو علم. فمن الذي رتب الحروف على هذا النحو: ا ب جـ د هـ و ز ح ط ي ك ل م ن س ع ف ص ق ر ش ت ث خ ذ ض ظ غ؟ ولماذا لم تترتب هكذا: ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز إلخ؟ أو تترتب على أي نحو آخر؟ ومن الذي جعل للألف رقم (1) والباء رقم (2) وهكذا آحادًا إلى حرف ط، ثم أعطى للحرف " ي " رقم (20) وللحرف ك (30) وهكذا الزيادة بالعشرات إلى الحرف الذي يعادل (100) وبعده تكون الزيادة بالمئات. لماذا لم تكن الزيادة آحادًا إلى آخر الحروف؟ ولماذا لم تبدأ بعشرة أو بمائة أو بألف؟ ولماذا لم تكـن هكـذا: ألف (1)، و ب (10)، وجـ (20) وهكذا؟ ولماذا لم تكن هكـذا: 1، 10، 100، 1000 إلخ. . . ؟ ولماذا ولماذا؟ كل هذا تحكم من واضعيه المصطلحين عليه. صحيح أنه لا مشاحّة في الاصطلاح، ولكن هذا لا يلزم أحدًا.
مخالفة هذا الرأي لصريح القرآن: ثم إن هذا الرأي الجريء الذي حدد زمن قيام الساعة، يخالف صريح ما نطق به القرآن الكريم من كيفية قيام الساعة. فقد أثبت القرآن أن الساعة لا تأتي إلا بغتة، كما في آية الأعراف: (ثَقُلتْ في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بَغْتَةً) الآية: 187. والقول بأن هذا بالنسبة للكفار، وليس للمؤمنين، غير صحيح، فالخطاب للجميع، وليس هناك دليل على اختصاص هذا الخطاب بالكفار.
على أن الساعة إذا علمت وعرف وقتها بالتحديد عند المؤمنين، فإن هذه المعرفة ستنتقل حتمًا إلى الكفار، ولو على سبيل الظن والشك، وهنا تزول المباغتة والمفاجأة التي تحدث عنها القرآن. دعوى صاحب هذا الرأي أنه علم من القرآن ما لم يعلمه رسول الله: وأمر آخر: إن صاحب هذا الرأي يزعم لنفسه أنه علم من القرآن ما لم يعلمه من أنزله الله عليه، وهو محمد صلى الله عليه وسلم. ذلك أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- المبلغ عن الله، لم يكن يعلم عن موعد الساعة شيئًا، وجبريل أمين الوحي الذي نزل عليه بالقرآن لم يكن يعلم عن موعدها شيئًا، وهذا ثابت بنص الحديث المشهور المتفق على صحته، المعروف لدى الخاص والعام من المسلمين، وهو الذي يروي قصة مجيء جبريل في صورة رجل يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم-عن أصول ومفاهيم أساسية، تعلم الناس دينهم، ومنها سؤال عن الساعة متى هي؟ فكان الجواب الواضح الصريح من الرسول البشري إلى الرسول الملكي: "ما المسئول عنها بأعلم من السائل " وجاء في هذا الحديث الصحيح في رواية مسلم: "في خمس لا يعلمهن إلا الله "، ثم تلا الآية الأخيرة من سورة لقمان: (إن الله عنده علم الساعة ويُنَزِّلُ الغَيْثَ ويعلم ما في الأرحام. . ) الآية.
وإنما شددنا الإنكار على مثل هذا القول لما فيه من جرأة على كتاب الله، وفتح الباب للمتلاعبين به، المحرفين للكلم عن مواضعه، فيصبح كتاب الله ملعبة لهواة الإغراب، وتصبح آياته الهادية الخالدة كأنها كرة يتقاذفها اللاعبون ! ورحم الله أبا بكر الذي كان يقول: أي سماء تقلني، وأي أرض تظلني، إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم؟. والله أعلم .
كافة الفتاوى المنشورة على شبكة "إسلام أون لاين.نت" تعبر عن اجتهادات وآراء أصحابها من السادة العلماء والمفتين، ولا تعبر بالضرورة عن آراء فقهية تتبناها الشبكة. انقر هنا لقراءة اتفاقية استعمال الخدمة و الإعفاء من المسؤولية.
المصدر :
سخة G o o g l e المخبأة من http://www.islamonline.net/fatwaapplication/arabic/display.asp?hFatwaID=1554. نسخة G o o g l e المخبأة هي نسخة محفوظة من الصفحة الأصلية، تعكس وضعها لدى آخر مسح آلي للمواقع المفهرسة. ولأن الصفحة معرضة للتحديث في أية لحظة; تستطيع النقر هنا لتشاهد الصفحة الأصلية بآخر تحديثاتها، لكن دون إضاءة مفردات البحث.